بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على النبي واله
وفاة أبي طالب (عليه السلام) عمّ النبي (ص)
نسبه:
كان لعبد المطلب ( شيبة الحمد) بن هشام عشرة أولاد، هم: الحارث، والزبير، وأبو طالب، وحمزة، والغيداق، وضرار، والمقوّم، وأبو لهب، ( واسمه عبد العزّى)، والعباس، وعبد الله. وكان أبو طالب وعبد الله إبني أم واحدة هي فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران.
اسمه :
عبد مناف
كنيته:
أبو طالب
مولده:
ولد قبل مولد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بخمس وثلاثين سنة
ألقابه:
سيد البطحاء , شيخ قريش , رئيس مكة.
زوجته:
تزوّج أبو طالب فاطمة بنت أسد، وهو أول هاشمي تزوّج بهاشمية، فولدت له أكبر أبناءه ( طالب ) وبه يكنى، وعقيل، وجعفر، وعلي، ومن الاناث: أمّ هاني واسمها (فاخته)، وجمانة، وكانت فاطمة بنت أسد بمنزلة الام لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، رَبَى في حجزها، فكان يسمّيها أمي، وكانت تفضّـله على أولادها في البرّ.
حب النبي محمد (ص) له:
نشأ النبيّ محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكبر في كفالة أبي طالب ورعاية ـ بعد كفالة جدّه عبد المطلب ـ وبرّ وحنوّ زوجته فاطمة بنت أسد، ثم تزوج خديجة، ثم بُعِث ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رحمة للناس كافة، فذاع صيته وكبُرت دعوته وعمّه أبو طالب وأبناءه حرّاسه الامناء والمدافعين الصلباء عنه، وبعد خروج بني هاشم من الشعب بشهرين ـ على الاكثر ـ مرض أبو طالب، فد دخل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليه وهو على فراش الموت فمسح جبينه أربع مرات، ثم خاطبه بقوله: « ياعم، ربيت صغيراً، وكفلت يتيماً، ونصرت كبيراً، فجزاك الله عني خيرا ».
وفاته:
ولم يمهل القدر سيد قريش ورئيس مكة ـ الذي ساد بشرفه لا بماله ـ فمات في السابع من رمضان سنة عشرة للبعثة النبوية الشريفة وعمره آنذاك ست وثمانون سنة ـ وقيل تسعون سنة ـ، نعم مات المربي والكافل والناصر، فيا لها من خسارة جسيمة ونكبة عظيمة، و يالها من أيام محزنة يفتقد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيها سنده القوي وملجأه الأمين من عتاد قريش.
وحينما أعلم النبيّ(صلى الله غلية وآله وسلم) بذلك، قال لابنه:‹‹ إمضي يا علي فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فاعلمني››. ففعل ذلك، فلما رفعه على السرير اعترضه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال:‹‹ وصلتك رحم، وجزيت خيراً يا عم، فلقد ربيت وكفلت صغيراً، ووازرت ونصرت كبيراً››،ثمّ أقبل على الناس وقال:‹‹ أنا والله لأشفعنّ لعمي شفاعة يعجب لها أهل الثقلين››.
ايمان أبي طالب:
لما بعث النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى البشرية مبشراً ومنذراً ، صَـدّقه أبو طالب وآمن بما جاء به من عند الله، ولكنه لم يظهر ايمانه تمام الاظهار بل كتمه; ليتمكن من القيام بنصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن أسلم معه، فإنه إن أظهر إيمانه إظهاراً تاماً كان كأحد المسلمين الذين اتبعوا الدين الجديد وبالتالي تـتـقطع الخيوط والروابط التي تربطه بقريش ودينها ورجالاتها. فما دام مُظهراً لمذهب قريش يكون أشدّ تمكناً من المحامات والدفاع عن النفر القليل الضعيف الذي أسلم، إضافة لذلك، فإنه إن أظهر الإسلام لأزدادت نفرة قريش وبغضها له، ولاعتبر كأحد المسلمين الذين اتبعوا الدين الجديد ونكل دينهم، ولارتفع حجاب المراعات والمدارات بينه وبينهم تماماً فينابذوه بالقتال، فيُـقتل، ويُـقتل محمد ( صلوات الله عليه وآله وسلم ) ويُـقبَر الدين الجديد ... وهذا ماتريده قريش. فما دام أبو طالب على دينهم ظاهراً يكون لهم بصيص أملٍ في أن يسلّمهم ابن أخيه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليقتلوه. ولذلك كانوا لا يفترون عن المطالبة بمحمد بكل ما يستطيعون من مال وجاه ومقابلة وعوض ...الخ. ومن جهة أخرى، لو كان أبو طالب غير مؤمن بما جاء به محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعمل على تكذيبه، وتسليمه إلى قريش ولا يتحمل تلك المعانات والمآسي التي مرّت به في الشعب وفي غيره.
اضافة إلى ذلك، لو تتبعنا أبو طالب في أخلاقه وأفعاله وسيرته وسلوكه وتربيته و.. و... قبل البعثة، لوجدناها هي نفس السيرة والسلوك والاخلاق والافعال التي كان عليها النبيّ محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وهي نفسها تعاليم الدين الإسلامي الجديد المستمدّة من دين إبراهيم ( عليه السلام )، ومعنى ذلك إنه لم يكن يعبد الاصنام، بل كانيعبد الله ويوحّده على الدين الذي جاء به إبراهيم ( عليه السلام )، وخير دليل على ذلك هو خطبته التي القاها في طلب يد خديجة لابن أخيه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل أن يبعث بخمسة عشر عاماً.
لقد صرّح أبو طالب عما في داخل نفسه وما يؤمن به في اشعاره الكثيرة المشحونة بالاقرار على صدق النبي وحقيقة دينه. ناهيك عن الروايات الواردة عن النبي الأكرم وأهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) في شأن إيمانه.
الأدلة على إيمان أبي طالب:
1 ـ وجود روايات كثيرة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) تدلّ على إسلامه بل إيمانه، نذكر منها:
أ ـ روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: ما مات أبو طالب حتى أعطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من نفسه الرضا.
وطبيعي أن رسول الله(صلى الله عليه وآ له وسلم)لا يرضى عن غير المؤمنين.
ب ـ روي عن أبي عبد الله جعفر الصادق(عليه السلام) قوله: « إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسَرّوا الايمان وأظهروا الشرك، فاتاهم الله أجرهم مرتين ».
ج ـ وعن الشعبي، يرفعه عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: « كان والله أبو طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف مؤمناً مسلماً يكتم ايمانه; مخافة على بني هاشم أن تُـنابِذَها قريش … » الغدير: 7 / 388.
2 ـ وجود روايات كثيرة عن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تدلّ على أسلامه بل إيمانه، نذكر منها:
أ ـ عن حماد بن سلمة عن العباس بن عبد المطلب، قال: قلت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يا ابن أخي ما ترجو لابي طالب عمك. قال: أرجو له رحمة من ربّي وكل خير.
ب ـ مارواه ابن عمر في إسلام أبي قحافة يوم الفتح بقول أبو بكر: « … والذي بعثك بالحق لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشدّ فرحاً مني باسلام أبي… ».
3 ـ إجماع علماء الشيعة على اسلامه بل إيمانه واجماعهم حجّة… ووافقنا على إسلامه جماعة من علماء أهل السنّة، إلا أن جمهورهم على خلاف ذلك. كما وافقنا على إسلام أبي طالب أكثر الزيديّة وبعض شيوخ المعتزلة وجماعة من الصوفيّة، وغيرهم .
4 ـ أقواله(رضوان الله عليه)، منها: خطبته التي القاها حينما طلب يد خديجة لابن أخيه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث يقول في آخرها « ... وما أحببتم من الصداق فعليّ، وله والله نبأ وخطب جليل ». فنراه يعلم نبأه الشائع وخطبه الجليل ثم يعانده ويكذّبه وهو من أولي الالباب؟!! فهذا غير سائغ وغير مقبول لدى العقلاء.
5 ـ أشعاره الكثيرة والمشهورة التي لا تحصى تنْبِؤعن إسلامه، منها:
ألا أبلغا عني على ذات بينها***لؤياً وخصا من لؤي بني كعب
ألم تعلموا: أنا وجدنا محمداً***نبياً كموسى خطّ في أول الكتب
وقوله:
نبي أتاه الوحي من عند ربه***ومن قال: لا، يقرع بها سنّ نادم
وقوله:
يا شاهد الله عليّ فاشهد***إني على دين النبي أحمد
وقد قال المأمون بن هارون الرشيد: أسلم والله أبو طالب بقوله:
نصرت الرسول رسول المليك***ببيض تلالأ كلمع البروق
أذبّ وأحـمـي رســول الالـه***حِـمـايـة عـمّ عليه شفـيـق
ومـا أن أدبّ لأعــــدائــــه*** دباب البكار حذار الفنيق
ولـكـــن أزيـر لـهــم ســــامـيــاً*** كما زاد ليث بغيل مضيق
ومن شعره المشهور:
أنـت الـنـبـي مـحـمّـد *** قــرم أغــرّ مســـوّدُ
لـمســـوّديـن أكــارم ***طابوا وطاب المولـدُ
نعم الارومة أصلها ***عرد الخضم الاوحدُ
هشم الرميكة في الجفا***ن وعـيش مكة انكـدُ
---------------------------
السلام عليك ياعم رسول الله صلى الله عليه وآله و كافله